السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
سلسلة اسماءالله الحسنى و صفاته العلا
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله
من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً
عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن وسلم تسليما كثيرا ،
اما بعد :
قال الله تبارك تعالى في كتابه العزيز:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
(سورة الأعراف/180)،
وقال سبحانه ايضا:
''.. قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى.. ''
(سورة الإسراء/110)،
هي رحلة مباركة سأبدأها معكم في رحاب اسماء الله الحسنى الجليلة
فالحديث عن هذه الاسماء ممتع وشيق لانه ليس فيه كلام عن حرام او حلال وليس بها تفصيل لاي تكاليف بل هي رحله نسافر فيها متنقلين بين جواهر اسماء الله الحسنى وصفاته العلا تبعا للسنة النبوية المطهرة حيث روى البخاريُّ ومسلمٌ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:
"إن لله تعالى تسعةً وتسعينَ اسمًا , مائةً إلا واحدًا من أحصاها دَخَلَ الجنةَ ".
وهو وتر يحب الوتر
وأحصاها هنا بمعنى رددها واستيقن بها وعمل بمقتضاها
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
هو الله الذي لا إلــه الا هو:
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ
الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ السَّمِيعُ البَصِيرُ المَوْلَى النَّصِيرُ العَفُوُّ القَدِيرُُ
اللَّطِيفُ الخَبِيرُ الوِتْرُ الجَمِيلُ الحَيِيُّ السِّتيرُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ الوَاحِدُ القَهَّارُ الحَقُّ المُبِينُ القَوِيُِّ المَتِينُ الحَيُّ القَيُّومُ
العَلِيُّ العَظِيمُ الشَّكُورُ الحَلِيمُ الوَاسِعُ العَلِيمُ التَّوابُ الحَكِيمُ الغَنِيُّ الكَرِيمُ الأَحَدُ الصَّمَدُ
القَرِيبُ المُجيبُ الغَفُورُ الوَدودُ الوَلِيُّ الحَميدُ الحَفيظُ المَجيدُ الفَتَّاحُ الشَّهيدُ
المُقَدِّمُ المُؤخِّرُ المَلِيكُ المُقْتَدِرْ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ
القَاهِرُ الديَّانُ الشَّاكِرُ المَنانَّ القَادِرُ الخَلاَّقُ المَالِكُ الرَّزَّاقُ الوَكيلُ الرَّقيبُ
المُحْسِنُ الحَسيبُ الشَّافِي الرِّفيقُ المُعْطي المُقيتُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ
الحَكَمُ الأَكْرَمُ البَرُّ الغَفَّارُ الرَّءوفُ الوَهَّابُ الجَوَادُ السُّبوحُ الوَارِثُ
الرَّبُّ الأعْلى الإِلَهُ ذي الجلال و الاكرام...
الدرس الثالـــــث عشر:
اســم الله الجلالة :
من النصوص القرآنية ، ورد هذا الاسم الجليل في عدة مواضع منها قوله تعالى :
( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) [الملك :14] ، وقوله سبحانه :
( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا )
[الأحزاب34] ، و غالبا ما يقترن باسمه الجلالة "الخبير "،
حيث ورد الاسم مقيدا في قوله تعالى : ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) [يوسف:100] ، وكذلك قوله : ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) [الشورى:19] ،
اما في شرح اسم الجلالة " اللطيف"
قال الخطابي: اللطيف هو البَرُّ بعباده، الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، ويسبِّب لهم من مصالحهم من حيث لا يحتسبون، كقوله - سبحانه -: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)[الشورى: 19].
وقال الشوكاني في قوله: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ): "إن الله لطيف لا تخفى عليه خافية؛ بل يصل علمه إلى كل خفي"[1].
وجمع الشيخ عبدالرحمن بن سعدي بين التعريفين، فقال: "اللطيف الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر والخبايا (والخفايا والغيوب)، وهو الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى".
ومن معاني اللطيف أنه الذي يلطف بعبده ووليِّه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من (العبد) على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة"[2].
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم:
أولاً: أن الله - عز وجل - لا يفوته من العلم شيء، وإن دقَّ وصغُر أو خفي، وكان في مكان سحيق،..
ثانيًا: أنَّ العبد إذا علِم أن ربه متَّصف بدقَّة العلم وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة، حاسَبَ نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته، والله - تعالى - يجازي العباد على أعمالهم، فالمحسن لا يَضيع من إحسانه مثقالُ ذرة، ولا المسيء يضيع من سيئاته مثقال ذرة، قال - تعالى -: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة: 7-8].
ثالثًا: أن الله - تعالى - مِنْ لُطفه بعباده يضاعف أجور المؤمنين، ويعفو ويتجاوَز عن ذنوب من شاء من عباده؛ قال - تعالى -: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الأنعام: 160].
روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يدْني المؤمن، فيضع عليه كنَفَه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرَّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتابَ حسناته، وأما الكافر والمنافق، فيقول الأشهاد: (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)[هود: 18]))[4].
رابعًا: أن الله لطيف بعباده، يريد لهم الخير واليُسر، ويقيض لهم أسباب الصلاح والبر، ومن لطفه بعباده أنه يسوق إليهم أرزاقهم، وما يحتاجونه في معاشهم، قال - تعالى -: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ)[الشورى: 19].
وقال - سبحانه -: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطلاق: 2-3].
"النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى"؛ للنجدي (1/259 - 265)
أمين بن عبدالله الشقاوي
اســم الله الجلالة :
ورد اسم الله الجلالة الخبير في الكتاب والسنة على سبيل الإطلاق والإضافة مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه في نصوص كثيرة ، ففي القرآن ورد مطلقا معرفا مقترنا بثلاثة أسماء هي الحكيم كما في قوله تعالى: ( وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) [الأنعام:18] ، واللطيف كما في قوله سبحانه : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) [الأنعام:103] ، ومقترنا باسم الله العليم في قوله تعالى : ( فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ ) [التحريم:3] ، وورد الاسم مطلقا منونا في نصوص كثيرة منها قوله تعالى : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) [الأحزاب:34] ، وقد ورد الاسم في السنة عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللطِيفُ الْخَبِيرُ ).
ثم من المعاني الاسم اللغوية : الخبير وهو العالم بالشيء , من اين خبرت هذا الامر؟ , أي : من اين علمت ؟
و قد تم وروده في القرآن الكريم خمسا واربعين مرة منها
( ولله ميراث السماوات والارض والله بما تعملون خبير ) آل عمران 180
( عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ) الانعام 73
( ان الله بعباده لخبير بصير ) فاطر 31
قال ابن جرير : في قوله ( نبأني العليم الخبير ) : العليم بسرائر عباده وضمائر قلوبهم , الخبير بامورهم الذي لا يخفى عنه شي . وقال الغزالي : ( الخبير ) هو الذي لا تعزب عنه الاخبار الباطنة , ولا يجري في الملك والملكوت شيء ولا يتحرك ذرة ولا يسكن , ولا يضطرب نفس ولا يطمئن , الا ويكون عنده خبره.
آثار الايمان بهذا الاسم :
1 – ان الله هو الخبير , العالم بواطن الامور و خفياتها , عالم بما كان وما يكون و ما سيكون و ما لم يكن كيف كان سيكون.. , لا يفوته من العلم شيء وان كان صغيرا سرا دقيقا , وهذا لله وحده لا يشاركه فيه احد من خلقه.
2 – والله اخبر بنفسه , اذ لا احد اعلم بالله من الله , قال سبحانه ( الرحمن فاسئل به خبيرا ) الفرقان 59 , أي : اسال عنه خبيرا.
3 – ان الله خبير عليم باعمال عباده واقوالهم , وما يجول في صدورهم من خير او شر.
4 – ان الله سبحانه خبير , قد احاط بكل شي خبرا يخبر بعواقب الامور ومآلها وما تصير اليه , يعلم ما كان وما يكون وما سيكون.
ثم ان الانسان لو فهم معنى اسماء الله الحسنى ومنها اللطيف والخبير سوف يراقب ويحاسب نفسه , لانه ادرك ان الله تعالى لطيف وخبير ,وهذان الاسمان مثلما سبق في موضوع البحث تؤدي بالانسان الى حفظ نفسه من المعاصي وتكون عليه حجه اذا ما قام بامر يخالف شريعه الله ويخالف ما تم دراسته في اسماء الله وصفاته العلا
فالحمد لله المتوحد في جلال البهاء , المتعالي عن الزوال والفناء ، العليم بجميع الأشياء , سبحانه رب العباد ، سميع يسمع الدعاء ، بصير يبصر النملة السوداء في الليلة الضلماء على الصخرة الصماء, ولا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء .عَالِمُ السِّر كاشفُ الضرِّ يَعفُو عن قبيحِ الأفعالِ يومَ الجزاءِ مَا عَلَى بابِهِ حِجَابٌ ولكن هوَ مِن خَلقِهِ سميعُ الدُّعَاءِ لُذ بِهِ أيها الغَفُولُ وبادر تَحظَ من فضلِهِ بنيلِ العَطَاءِ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعالى عن الأضداد والأنداد والقرناء ، وجل و تعالى عن الصاحبة والأولاد والشركاء ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
و سبحان الله اللطيف بعزه الذي لا يرام
و سبحان رب العرش الكريم بملكه الذي لا يضام
و سبحان الخبير الجليل ذي الجلال و الاكرام,
و سبحان الله و بحمده
سبحان الله العظيم العزيز ذو انتقام
( وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
و الله اعلم
الدروس السابقة من هذه السلسلة المباركة :
سلسلـة أسمـاء الله الحسنى و صفاته العـــلا -العدد1- شرح اسم (الله) الجليل
سلسلـة أسمـاء الله الحسنى و صفاته العـــلا -العدد2- شرح اسمي الجلالة (الرحمن و الرحيم)
سلسلـة أسمـاء الله الحسنى و صفاته العـــلا -العدد3- شرح اسمي الجلالة (الملك و القدوس)
سلسلـة أسمـاء الله الحسنى و صفاته العـــلا -العدد4- شرح اسمي الجلالة (السلام و المؤمن)
سلسلـة أسمـاء الله الحسنى و صفاته العـــلا -العدد5- شرح اسمي الجلالة (المهيمن - العزيز )
( الجبــار- المتكبــر ) سلسلة أسماء الله الحسنى و صفاته العلا - العدد السادس -
( الخالق - البارئ ) سلسلة اسماء الله الحسنى و صفاته العلا - العدد السابع
( المصور - الأول - الآخر ) سلسلة اسماء الله الحسنى و صفاته العلا _ العدد الثامن
( الظاهــر - الباطــن ) سلسلة اسماء الله الحسنى و صفاته العلا _ العدد التاسع
اسماء الله الحسنى و صفاته العلا ( السميــــــع - البصيـــــــر ) العـ10ـدد
سلسلة اسماء الله الحسنى و صفاته العلا ( المولـــــــى - النصيــــــر ) العدد11
سلسلة اسماء الله الحسنى و صفاته العلا ( العفـــــو - القديــــــر ) العـ12ـدد
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته